بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 18 ديسمبر 2011

الله الله يا مصر



تسعى معظم الدول إلى تبني مشروع قومي تتوحد حوله شعوبها، قد تختلف الأحزاب السياسية في طريقة تنفيذ هذا المشروع ولكنها تتفق على أسسه.

على سبيل المثال، أرى أن المشروع القومي الأمريكي هو أن تصبح الولايات المتحدة أقوى دولة في العالم. ولكي تحقق هذا المشروع فإنها تعتمد على نظرية في علم الاجتماع تقول بأن "التنافس بين أفراد الجماعة الواحدة يضعفها، بينما التنافس بين الجماعة وجماعة أخرى يقويها".

ولكي يتوحد الشعب الأمريكي حول هذا المشروع تلجأ الولايات المتحدة باستمرار إلى خلق عدو خارجي يسعى للقضاء على الولايات المتحدة فيتوحد الشعب الأمريكي حول القضاء على هذا العدو.

ويمكن متابعة ذلك عبر دراسة تاريخ الولايات المتحدة بدءاً من التوحد ضد الهنود الحمر وإبادتهم بمنتهى الوحشية مع أنهم هم السكان الأصليين للأمريكتين، وانتهاءً بصناعة "أسامة بن لادن" ليكون بمثابة "الغولة" التي ترهب الشعب الأمريكي وتحاول القضاء عليه.

ولكي تنجح الولايات المتحدة في تحقيق مشروعها القومي، فإنها تلجأ إلى وسيلة أخرى تتمثل في إضعاف الدول الأخرى عن طريق إذكاء نار الفتنة بين كافة طوائف شعوب تلك الدول وذلك تحت مسمى حماية الأقليات.

مثال آخر على امتلاك الدول لمشروعات قومية هو الكيان الصهيوني الذي نسميه بشكل خاطئ "دولة إسرائيل". فهي ليست دولة لأن الاعتداء على الجيران من أبرز سماتها، كما أن إسرائيل هو اسم نبي الله يعقوب الذي يجب ألا ندنس اسمه بقذارة هذا الكيان.

هذا الكيان الصهيوني لديه مشروعه القومي الذي يلتف حوله الصهاينة وهو إقامة دولة إسرائيل الكبرى التي تمتد من النيل إلى الفرات، ويبذلون كل غالٍ ونفيس من أجل تحقيقه، كما يغرسونه في أطفالهم حتى يشبوا عليه.

في مصر أرى أن أفضل مشروع قومي لمصر – من وجهة نظري – هو إقامة العدل، فجميع المصريين من كافة الطوائف قد ذاقوا مرارة الظلم وتوحدوا على إسقاطه ولم يحتاجوا إلى الولايات المتحدة لحماية الأقليات في أوج الانهيار الأمني، بل تماسكنا جميعا كجماعة واحدة تشمل جميع المصريين المظلومين ضد النظام الظالم.

ما أحوجنا إلى إقامة العدل في كافة نواحي الحياة، فإقامة العدل هي الأرض الخصبة التي ستحقق الازدهار والنمو الاقتصادي لمصر. إقامة العدل هي المشروع القومي الذي سيتوحد حوله المصريون جميعاً من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار لأنه السبيل الوحيد لتماسك أبناء هذا الوطن.

من أوجه إقامة العدل التي يجب أن نتبناها ونغرسها في نفوس الأجيال القادمة هو إعادة تقييم العلاقة مع الكيان الصهيوني، فهذا الكيان ما هو إلا تجمع لصهاينة من كافة أنحاء العالم أقاموا في أرضنا بدون إذن منا، شردوا أهلنا، قتلوا أطفالنا، هدموا مساجدنا وكنائسنا.

هل تقبل دولة في العالم أن يحتلها مواطنون من دول أخرى ويفعلوا بها ما يفعله الصهاينة بأهلنا في فلسطين؟ إقامة العدل تقتضي أن نُعيد هؤلاء الصهاينة الذين احتلوا أرضنا إلى بلادهم التي أتوا منها.

قد يكون ذلك شبه مستحيل من الناحية العملية، ولكن على الأقل يجب أن نُغذي ذلك في وجداننا ونفوسنا وأن نُربي الأجيال القادمة عليه.