بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 22 يناير 2012





الجمعة 28 يناير 2011.. جمعة الغضب.. كشر الشعب المصري عن أنيابه فخرجت الجموع معلنة الغضب على الظلم والقهر. كانت جموع الشعب المصري العظيم في الشوارع تلقن النظام المستبد درساً في أهمية إرساء الحق والعدل، لكن للأسف لم أكن واحداً من بين هذه الجموع بسبب عملي بالخارج. كنت أشعر بالغليان من داخلي لأنني لا أشارك في هذه الملحمة الشعبية العظيمة.

كانت الجموع في الشوارع تقلم أظافر النظام المستبد التي طالما غرسها في نزاهة معارضية؛ تجتث أنيابه من جذورها،تلك الأنياب التي طالما نهشت في لحوم الأبرياء، بينما كنت -للأسف مراراً - مشاهداً فقط لما يحدث عبر الفضائيات.

السبت 29 يناير.. الفضائيات تعرض صور الشهداء. معظمهم من زهور شباب مصر، كان أمامهم المستقبل فضفاضاً ممتداً لكنهم تجاهلوه ووضعوا كرامة مصر أمام عيونهم ودفعوا ثمن حريتنا. شعرت بالندم وبأنني أتحمل جزءاً من المسؤولية عن استشهادهم لأنني لم أبق في مصر أكافح مثلهم وإنما آثرت السفر هرباً من مما قرروا هم أن يواجهوه؛ لقد واجهوا الظلم والتجريف المتعمد لحاضر ومستقبل مصر بمنتهى البسالة والشجاعة.

{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) سورة آل عمران}. كثيراً ما كنت أسمع هذه الآيات عند ذكر الشهداء، لكن هذه المرة استوقفني سماع الآيات التالية لهذه الآية: { فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)}. الشهداء فرحين.. الشهداء يستبشرون بأن نلحق بهم أي أن سرورهم وفرحتهم كانت ستكتمل لو كنا معهم حيث لا خوف ولا حزن، وإنما فرحة بنعمة الله وفضله.

بعد سماعي لهذه الآيات وتدبر معناها تبدل إحساسي بالمسؤولية عما حدث لهم إلى إحساس بالخيبة، لأنني لم أكن معهم. يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً.