كنت حريصاً على زيارة ميدان التحرير بعد ثورة 25
يناير، لكن لم أتمكن من ذلك إلا بعد الثورة بأكثر من ستة شهور بسبب عملي بالخارج.
كان للميدان رونق بديع، رواد الميدان ينسجون لوحة فنية تتناغم فيها الهتافات مع
حركة الأعلام. على أطراف الميدان كان هناك بعض الباعة يعرضون الأعلام والتذكارات
المعبرة عن ثورة 25 يناير. اقتربت من أحدهم لمشاهدة معروضاته، أمسكت علم مصر . كنت
متيقناً أن العلم بالضرورة سيكون صناعة مصرية. دققت في العلم لرؤية "صنع في
مصر". لكن للأسف . . العلم المصري
صُنع في الصين . . أحسست بالصدمة، فجميع المعروضات المعبرة عن ثورة 25 يناير
المصرية صنعت في الصين!
بعد مرور أكثر من ستة شهور على الثورة لم تستطع
الصناعة المصرية مواكبة ما يجري على الساحة، وعلى النقيض من ذلك واكب المستوردون
الحدث فانهمكوا على استنزاف ثرواتنا من النقد الأجنبي في استيراد هذه المنتجات.
من وجهة نظري أرى أن أحد مشكلاتنا المتعلقة
بالصناعة هي أن الصناعة المصرية لا تهتم بالجانب النفسي للمستهلك المصري الذي يبحث
عن منتجات تواكب الأحداث والمتغيرات في
كافة نواحي الحياة. على النقيض من ذلك تتحين الصناعة الصينية المناسبة تلو
المناسبة لتنقض على فريستها وتقوم بإغراق أسواقها بالمنتجات المعبرة عن هذه
المناسبات. فكثير من المنتجات الصينية
الموجودة في السوق نراها "منتجات تافهة"، إلا أنها تغزو أسواقنا وفي نفس
الوقت يجد منتجوها في مصر الكثير من العقبات والمثبطات التي تعوق نمو الصناعة
المصرية.
مشكلة أخرى تدمر الصناعة المصرية هي السماح
بتصدير المواد الخام من جهة ثم السماح باستيرادها بعد التصنيع من جهة أخرى، فنحن
نبيع المواد الخام بأبخس الأثمان، ثم نعود ونشتريها بعد التصنيع بأثمان باهظة
وبالعملات الأجنبية.
كنت أتمنى وجود مادة في الدستور الجديد تُجرم تصدير المواد الخام حتى لا يكون أمامنا إلا أحد خيارين: إما أن ننشئ صناعة تقوم على هذه المواد الخام أو أن نتركها رصيداً للأجيال القادمة.
كنت أتمنى وجود مادة في الدستور الجديد تُجرم تصدير المواد الخام حتى لا يكون أمامنا إلا أحد خيارين: إما أن ننشئ صناعة تقوم على هذه المواد الخام أو أن نتركها رصيداً للأجيال القادمة.