أثبتت ثورة 25 يناير العظيمة أن مصر تستطيع أن تستوعب كافة أطياف الفكر السياسي ما دامت جميعها تعمل لصالح مصر، بينما لا يمكنها أن تستوعب طيفان سياسيان يتنازعان من أجل مصالحهما الشخصية فقط.
وستثبت هذه الثورة المباركة – عند اكتمال نجاحها – أن مصر قادرة على توفير الحياة الكريمة لجميع سكانها ولو كانوا أضعاف العدد الحالي، بينما لا تستطيع أن تشبع أطماع شخص واحد فيها.
نجحت الثورة حين تسلحت بسلاحي السلمية والمدنية وقهرت بهما جبروت النظام السابق.. نجحت حين رفضت الشعارات الحزبية أو الدينية.
فمن المُسَلَّم به أن مفهوم الدولة الدينية التي تتبنى ديناً معيناً أو مذهباً دينياً معيناً وتتجاهل غيره من الأديان أو المذاهب سوف تؤدي إلى الاحتقان الطائفي بين مواطنيها.
ومن المُسَلَّم به أيضاً أن مفهوم الدولة المدنية التي تترك عنان الحريات لأفرادها سوف تصاب بأمراض وآفات اجتماعية خطيرة. فأنظمة الدول الغربية التي تهتم بالفرد على أساس أنه وحدة بناء المجتمع وتترك له الحريات المطلقة قد أصيبت بأمراض اجتماعية خطيرة أبرزها التفكك الأسري، كما أن الإباحية الجنسية في هذه المجتمعات قد أدت لظهور وانتشار أمراض لم نعرفها من قبل.
إذا كنا نتطلع إلى بناء دولة مترابطة سوية، فمن وجهة نظري يجب أن تكون هذه الدولة مدنية متدينة: دولة تقوم على العدل والمساواة بين جميع المواطنين.. دولة تحترم الأديان السماوية ولا تُميز بين أتباع دين وآخر.. دولة تهتم بالأسرة – وليس الفرد -على أساس أنها وحدة بناء المجتمع .. دولة تحيط نفسها بسياج من القيم الخلقية النابعة من جوهر الأديان السماوية.. دولة تُتيح الحريات لكل مواطن بما لا يمثل اعتداءاً على حريات باقي المواطنين.. دولة تتيح الحريات لمواطنيها في إطار غير إباحي بما يحفظ القيم الخلقية للمجتمع ويعمل على دعمها.. دولة تستقي مصادر تشريعها من الأديان السماوية، فالأديان السماوية كلها قد خرجت من مشكاة واحدة وكلها تتفق في القيم الخلقية التي يجب أن نتمسك بها حتى نحقق معادلة النجاح: حرية بلا مفاسد.
من وجهة نظري أرى أن التوجه نحو الدولة المدنية المتدينة هو أساس نهضة مصر، والمقصود بتدين الدولة هو إقامة العدل الذي تنادي به الأديان السماوية بين كافة المواطنين وذلك باشتقاق كافة الأحكام القضائية من الشرائع السماوية. وأرى أنه يمكن تحقيق ذلك عن طريق التأكيد على:
1. جمهورية مصر العربية هي دولة مدنية يتساوى فيها جميع المواطنين في الحقوق والواجبات.
2. تعترف جمهورية مصر العربية بالأديان السماوية الثلاثة: اليهودية والمسيحية والإسلام، ولا تميز بين أتباع دين وآخر.
3. الأديان السماوية هي المصدر الرئيسي للتشريع وتنبثق منها أحكام القضاء كالتالي:
ما اتفقت عليه الأديان السماوية فيما يتعلق بأحكام القضاء (باستثناء قوانين الأسرة) يتم تطبيقه مباشرة وما اختلفت عليه يتم طرحه للاستفتاء بين المواطنين.
4. القوانين المتعلقة بالأسرة تكون كالتالي:
قوانين الأسرة المنظمة للزواج والطلاق وغيرها من قضايا الأسرة لأتباع الدين الواحد تنبثق من هذا الدين ولا يجوز فرض القوانين المنبثقة من دين معين على أتباع دين آخر.
قد يعترض بعض المسلمين على الاقتراح السابق لأنه لم يتم ذكر الإسلام بأنه المصدر الرئيسي للتشريع، ولكن الاقتراح يضمن أن تكون الشريعة الإسلامية مطبقة فعلاً وليست كمجرد نص في الدستور لأن ما اتفقت عليه الأديان السماوية سيطبق فعلاً وعند طرح نقاط الاختلاف للاستفتاء فإن الأغلبية المسلمة ستختار ما يتفق مع الشريعة الإسلامية وبالتالي سيكون الإسلام فعلاً -وليس نصاً فقط- هو المصدر الرئيسي للتشريع.
قد يعترض بعض المسيحيين على الاقتراح السابق لأنه في حال طرح نقاط الاختلاف للاستفتاء، فإن الأغلبية المسلمة ستختار ما يتفق مع الشريعة الإسلامية. لكن الاقتراح يتضمن أن قوانين الأسرة للمسيحيين تنبع من الدين المسيحي.
كما أنه من المعروف للجميع أنه لا توجد اختلافات جوهرية بين الأديان السماوية في معظم ما حرمته أو أباحته هذه الأديان. فالأديان السماوية تتفق على تحريم القتل بغير حق والزنا والسرقة وشرب الخمر وغيرها من المحرمات المشتركة بين الأديان السماوية.
قد يعترض البعض على أن الأحكام المنبثقة من الشرائع السماوية تقوم على القصاص حيث يراه البعض عقوبة قاسية وغير آدمية، مع أنه لو تم حساب المسألة بالعقل لوجدنا التالي:
لو فقأ شخص عينيك متعمداً وفقدت نعمة البصر تماماً، ماذا تراه عدلاً في الحكمين التاليين:
الأول: أن يحكم على الجاني بالسجن بضع سنوات لإحداثه عاهة مستديمة بك، حيث سيظل يتمتع ببصره ويأكل ويشرب ويعيش حياته العادية في السجن وبعد أن يخرج منه.
الثاني: إعطاءك حرية الاختيار بين فقأ عينيه مثلما فعل معك أو دفع دية (مقابل مادي) لك مقابل عفوك عنه؟
في حالة الاختيار الثاني تحثك الشريعة الإسلامية على العفو مع أنه ليس عليك وزر في حالة تمسكت بحقك في القصاص. يقول تعالى" وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43) سورة الشورى
كما أن القصاص يجعل الجاني يفكر ألف مرة قبل ارتكاب جريمته لأنه يعلم أن نفس الضرر الذي لحق بالمجني عليه سيلحق به وبالتالي سيكون ذلك رادعاً له ومانعاً لحدوث الجريمة من الأساس. إضافة إلى ذلك سيقل عدد الموجودين بالسجون الذين تتحمل الدولة نفقات إعاشتهم وإطعامهم وكسوتهم داخل السجون.
تطبيق الشريعة الإسلامية له ضوابط لضمان تحقيق العدل وليس مجرد تنفيذ الحدود، فعمر بن الخطاب رضي الله عنه قد أسقط حد قطع يد السارق في عام المجاعة مما يدل على أن تطبيق الشريعة الإسلامية له هدف أسمى من مجرد تنفيذ الحكم فقط.
أخيراً.. هم يبكي وهم يضحك. تعليق أحد المواطنين في جريدة الأهرام على محاكمة ضباط الشرطة المتورطين في قتل الثوار:
" 38 - تعليق:........................... تاريخ: 18/10/2011 - 11:34
عجبت لاسر اشهداء... لماذا اسر يطلبون القصاص الا يكفيهم ان ابنهم شهداء وفى اعلى منزله عند الله "
وستثبت هذه الثورة المباركة – عند اكتمال نجاحها – أن مصر قادرة على توفير الحياة الكريمة لجميع سكانها ولو كانوا أضعاف العدد الحالي، بينما لا تستطيع أن تشبع أطماع شخص واحد فيها.
نجحت الثورة حين تسلحت بسلاحي السلمية والمدنية وقهرت بهما جبروت النظام السابق.. نجحت حين رفضت الشعارات الحزبية أو الدينية.
فمن المُسَلَّم به أن مفهوم الدولة الدينية التي تتبنى ديناً معيناً أو مذهباً دينياً معيناً وتتجاهل غيره من الأديان أو المذاهب سوف تؤدي إلى الاحتقان الطائفي بين مواطنيها.
ومن المُسَلَّم به أيضاً أن مفهوم الدولة المدنية التي تترك عنان الحريات لأفرادها سوف تصاب بأمراض وآفات اجتماعية خطيرة. فأنظمة الدول الغربية التي تهتم بالفرد على أساس أنه وحدة بناء المجتمع وتترك له الحريات المطلقة قد أصيبت بأمراض اجتماعية خطيرة أبرزها التفكك الأسري، كما أن الإباحية الجنسية في هذه المجتمعات قد أدت لظهور وانتشار أمراض لم نعرفها من قبل.
إذا كنا نتطلع إلى بناء دولة مترابطة سوية، فمن وجهة نظري يجب أن تكون هذه الدولة مدنية متدينة: دولة تقوم على العدل والمساواة بين جميع المواطنين.. دولة تحترم الأديان السماوية ولا تُميز بين أتباع دين وآخر.. دولة تهتم بالأسرة – وليس الفرد -على أساس أنها وحدة بناء المجتمع .. دولة تحيط نفسها بسياج من القيم الخلقية النابعة من جوهر الأديان السماوية.. دولة تُتيح الحريات لكل مواطن بما لا يمثل اعتداءاً على حريات باقي المواطنين.. دولة تتيح الحريات لمواطنيها في إطار غير إباحي بما يحفظ القيم الخلقية للمجتمع ويعمل على دعمها.. دولة تستقي مصادر تشريعها من الأديان السماوية، فالأديان السماوية كلها قد خرجت من مشكاة واحدة وكلها تتفق في القيم الخلقية التي يجب أن نتمسك بها حتى نحقق معادلة النجاح: حرية بلا مفاسد.
من وجهة نظري أرى أن التوجه نحو الدولة المدنية المتدينة هو أساس نهضة مصر، والمقصود بتدين الدولة هو إقامة العدل الذي تنادي به الأديان السماوية بين كافة المواطنين وذلك باشتقاق كافة الأحكام القضائية من الشرائع السماوية. وأرى أنه يمكن تحقيق ذلك عن طريق التأكيد على:
1. جمهورية مصر العربية هي دولة مدنية يتساوى فيها جميع المواطنين في الحقوق والواجبات.
2. تعترف جمهورية مصر العربية بالأديان السماوية الثلاثة: اليهودية والمسيحية والإسلام، ولا تميز بين أتباع دين وآخر.
3. الأديان السماوية هي المصدر الرئيسي للتشريع وتنبثق منها أحكام القضاء كالتالي:
ما اتفقت عليه الأديان السماوية فيما يتعلق بأحكام القضاء (باستثناء قوانين الأسرة) يتم تطبيقه مباشرة وما اختلفت عليه يتم طرحه للاستفتاء بين المواطنين.
4. القوانين المتعلقة بالأسرة تكون كالتالي:
قوانين الأسرة المنظمة للزواج والطلاق وغيرها من قضايا الأسرة لأتباع الدين الواحد تنبثق من هذا الدين ولا يجوز فرض القوانين المنبثقة من دين معين على أتباع دين آخر.
قد يعترض بعض المسلمين على الاقتراح السابق لأنه لم يتم ذكر الإسلام بأنه المصدر الرئيسي للتشريع، ولكن الاقتراح يضمن أن تكون الشريعة الإسلامية مطبقة فعلاً وليست كمجرد نص في الدستور لأن ما اتفقت عليه الأديان السماوية سيطبق فعلاً وعند طرح نقاط الاختلاف للاستفتاء فإن الأغلبية المسلمة ستختار ما يتفق مع الشريعة الإسلامية وبالتالي سيكون الإسلام فعلاً -وليس نصاً فقط- هو المصدر الرئيسي للتشريع.
قد يعترض بعض المسيحيين على الاقتراح السابق لأنه في حال طرح نقاط الاختلاف للاستفتاء، فإن الأغلبية المسلمة ستختار ما يتفق مع الشريعة الإسلامية. لكن الاقتراح يتضمن أن قوانين الأسرة للمسيحيين تنبع من الدين المسيحي.
كما أنه من المعروف للجميع أنه لا توجد اختلافات جوهرية بين الأديان السماوية في معظم ما حرمته أو أباحته هذه الأديان. فالأديان السماوية تتفق على تحريم القتل بغير حق والزنا والسرقة وشرب الخمر وغيرها من المحرمات المشتركة بين الأديان السماوية.
قد يعترض البعض على أن الأحكام المنبثقة من الشرائع السماوية تقوم على القصاص حيث يراه البعض عقوبة قاسية وغير آدمية، مع أنه لو تم حساب المسألة بالعقل لوجدنا التالي:
لو فقأ شخص عينيك متعمداً وفقدت نعمة البصر تماماً، ماذا تراه عدلاً في الحكمين التاليين:
الأول: أن يحكم على الجاني بالسجن بضع سنوات لإحداثه عاهة مستديمة بك، حيث سيظل يتمتع ببصره ويأكل ويشرب ويعيش حياته العادية في السجن وبعد أن يخرج منه.
الثاني: إعطاءك حرية الاختيار بين فقأ عينيه مثلما فعل معك أو دفع دية (مقابل مادي) لك مقابل عفوك عنه؟
في حالة الاختيار الثاني تحثك الشريعة الإسلامية على العفو مع أنه ليس عليك وزر في حالة تمسكت بحقك في القصاص. يقول تعالى" وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43) سورة الشورى
كما أن القصاص يجعل الجاني يفكر ألف مرة قبل ارتكاب جريمته لأنه يعلم أن نفس الضرر الذي لحق بالمجني عليه سيلحق به وبالتالي سيكون ذلك رادعاً له ومانعاً لحدوث الجريمة من الأساس. إضافة إلى ذلك سيقل عدد الموجودين بالسجون الذين تتحمل الدولة نفقات إعاشتهم وإطعامهم وكسوتهم داخل السجون.
تطبيق الشريعة الإسلامية له ضوابط لضمان تحقيق العدل وليس مجرد تنفيذ الحدود، فعمر بن الخطاب رضي الله عنه قد أسقط حد قطع يد السارق في عام المجاعة مما يدل على أن تطبيق الشريعة الإسلامية له هدف أسمى من مجرد تنفيذ الحكم فقط.
أخيراً.. هم يبكي وهم يضحك. تعليق أحد المواطنين في جريدة الأهرام على محاكمة ضباط الشرطة المتورطين في قتل الثوار:
" 38 - تعليق:........................... تاريخ: 18/10/2011 - 11:34
عجبت لاسر اشهداء... لماذا اسر يطلبون القصاص الا يكفيهم ان ابنهم شهداء وفى اعلى منزله عند الله "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق